أظهرت الأبحاث أن النظام الغذائي النباتي يحمل في طياته فوائد صحية جمة، مما أثار تساؤلات حول تأثير الإقلاع التام عن اللحوم على الجسم. فرغم ما تُشير إليه الدراسات من مميزات للنظام المعتمد على النباتات، يحذر الخبراء من اعتبار التحول إلى الحمية النباتية ضمانًا آليًا لصحة أفضل، إذ يعتمد النجاح على كيفية تعويض العناصر الغذائية الحيوية المفقودة.
في هذا السياق، توصي منظمات صحية مرموقة مثل جمعية القلب الأمريكية ومراكز السيطرة على الأمراض بتبني نظام غذائي قائم على النباتات مع إمكانية تناول كميات معتدلة من اللحوم بدلاً من الإقصاء الكامل لها. وتشير الأبحاث إلى أن تقليل استهلاك اللحوم أو الاستغناء عنها قد يسهم في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية وارتفاع ضغط الدم والسمنة والسكري من النوع الثاني، بالإضافة إلى بعض أنواع السرطان.
وأكدت أخصائية التغذية كيري جانس، بحسب تصريحات “سكاي نيوز عربية”، أن الفوائد تعود أساسًا إلى انخفاض مستويات الدهون المشبعة، المرتبطة بشكل كبير باللحوم الحمراء والمصنّعة، والتي تُعد عاملاً مساهماً في الأمراض المزمنة. وأضافت أخصائية التغذية شونالي سوانز أن التوقف عن تناول اللحوم يقلل من الالتهابات في الجسم، خاصةً مع العلم بأن اللحوم المعالجة قد ترفع مستويات الالتهاب، في حين يُعتبر البروتين النباتي خياراً أكثر أماناً.
يؤدي التحول نحو نظام غذائي خالٍ من اللحوم إلى تغييرات ملحوظة في الجسم؛ إذ يُمكن أن تتحسن صحة الأمعاء بفضل تنامي البكتيريا المفيدة، كما أن انخفاض الالتهابات قد يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب وخفض مستويات الكوليسترول. ومع ذلك، يكمن التحدي الأكبر في تعويض العناصر الغذائية الموجودة أساسًا في اللحوم مثل البروتين والحديد والزنك وفيتامين B12.
ومع ذلك، تشير جانس إلى إمكانية الحصول على هذه العناصر من المصادر النباتية، إذ يُمكن اعتبار العدس والفاصوليا والسبانخ والمكسرات بدائل ممتازة للحديد، خاصة عند تناولها مع أطعمة غنية بفيتامين C مثل الفواكه الحمضية أو الفلفل الحلو لتعزيز امتصاص الحديد. كما يُمكن الحصول على الزنك من البقوليات والحبوب الكاملة، ويُنصح باستهلاك بدائل الألبان المدعمة بالكالسيوم وفيتامين D، بالإضافة إلى التوفو والخضروات الورقية والمكسرات.
وتختلف التجارب الشخصية بعد الإقلاع عن اللحوم؛ فقد يلاحظ البعض زيادة في مستويات الطاقة وتحسنًا في عملية الهضم وجودة النوم، بينما قد يعاني آخرون من التعب أو انخفاض النشاط إذا لم تُستوفَ العناصر الأساسية بشكل كافٍ.
في النهاية، يُعد التوقف عن تناول اللحوم خطوة محتملة نحو نمط حياة صحي، شريطة أن تصاحبها خطة غذائية متوازنة تضمن التنوع والتعويض الأمثل للعناصر الغذائية، مما يساهم في بقاء الجسم بكفاءة وتحقيق حالة صحية مثلى.