لا شك أن عشاق اللون الأرجواني سيتفاجؤون عندما يدركون أن هذا اللون المفضل لديهم ليس له وجودٍ حقيقي، بل هو نتاج تفاعل بسيط في الدماغ. فقد أظهرت دراسة جديدة، استشهدت بها صحيفة “الديلي ميل” البريطانية، أن الدماغ البشري يقوم بإنتاج اللون الأرجواني عندما يرى خطوطًا موجية حمراء وزرقاء معًا، إذ تنشأ حالة من الارتباك نتيجة اختلاف هذين اللونين اللذين يقعان على طرفي طيف الضوء المرئي.
لتجاوز هذا التعارض، يقوم الدماغ بتقوس الطيف على شكل دائرة تجمع بين الأحمر والأزرق لتكوين اللون الأرجواني. وعلى الرغم من أننا نراه وندركه كونه لونًا “حقيقيًا”، إلا أن تركيبه يقتضي تداخل إشارات من أطوال موجية مختلفة.
يتعرف الإنسان على الألوان عبر خلايا متخصصة في العين تُعرف بـ”المخاريط”، والتي تنقسم إلى ثلاثة أنواع:
مخاريط الأطوال الموجية القصيرة (S): تستشعر الأزرق والبنفسجي.
مخاريط الأطوال الموجية المتوسطة (M): تستجيب للأخضر والأصفر.
مخاريط الأطوال الموجية الطويلة (L): تُعنى بالأحمر والبرتقالي.
عند سقوط لون معين على العين، تُنشَّط المخاريط المناسبة وترسل إشارات عبر العصب البصري إلى الدماغ. وبعد ذلك، يستقبل المهاد هذه الإشارات وينقلها إلى القشرة البصرية التي تحلل شدة التنشيط في كل مخروط لتحديد اللون الدقيق، سواء كان لونًا أساسيًا أو درجة من درجاته المختلطة.
هذا النظام الدقيق يمنحنا القدرة على تمييز أكثر من مليون لون مختلف. ومع ذلك، عند التعامل مع اللون الأرجواني، تواجه أدمغتنا تحديًا فريدًا؛ إذ يتعين عليها المزج بين إشارات مخاريط الضوء الأحمر والأزرق، التي من الطبيعي ألا تختلط معًا بحسب طيف الضوء. وللتغلب على هذا التناقض، يقوم الدماغ بتقوس الطيف بحيث يلتقي الأحمر مع الأزرق أو البنفسجي، مما يولد اللون الأرجواني في “حلقة” قد تبدو لنا وكأنها لون مستقل رغم أنه يعتمد على خلط إشارات متضادة.
وفي نهاية المطاف، تبقى حقيقة أن اللون الأرجواني هو نتيجة معالجة دماغية تضعنا أمام ظاهرة مثيرة للعقل، حتى وإن ظل هذا اللون من أكثر الألوان جاذبية لمحبيها حول العالم.