أظهرت نتائج المرحلة الثالثة من التجربة السريرية التي نفذتها مؤسسة ESSENCE أن الحقن بسيماجلوتيد (المعروف تجاريًا باسم “أوزمبيك”) لا يكتفي فقط بإيقاف تطور أمراض الكبد الدهني، بل يمتلك القدرة على إعادة بنية النسيج الكبدي نحو وضعه الصحي. ونُشرت هذه النتائج في دورية New England Journal of Medicine بعد تجربة مزدوجة التعمية، استخدم فيها دواء وهمي كضابط، شملت 253 مركزًا طبيًا في 37 دولة حول العالم، واستهدفت مرضى يعانون من التهاب الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي (MASH). وتعد هذه الدراسة أول تجربة تنظيمية تثبت فعالية سيماجلوتيد لدى هؤلاء المرضى.
قاد هذه التجربة باحثان رئيسان: البروفيسور فيليب نيوسوم من كلية كينغز كوليدج لندن، والأستاذ أرون سانيال من كلية الطب بجامعة فرجينيا كومنولث في الولايات المتحدة. وقد سلطت هذه النتائج الضوء على إمكانات سيماجلوتيد في معالجة حالة حيوية لم يكن لها سابقًا أي علاج مرخص.
يُعرف مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي (MASLD)، الذي كان يُشار إليه سابقًا بمرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD)، بأنه اضطراب كبدي مزمن ينجم عن تراكم الدهون داخل خلايا الكبد. يرتبط هذا المرض ارتباطًا وثيقًا بالسمنة ومرض السكري من النوع الثاني وأمراض الجهاز القلبي الوعائي. ومع مرور الوقت، قد تؤدي الدهون المتراكمة إلى التهاب وتليف الكبد وحتى الإصابة بسرطان الكبد؛ ويصيب MASLD واحدًا من كل خمسة أشخاص في المملكة المتحدة، فيما لا يتوفر حاليًا أي دواء مرخص لعلاجه.
اختار الباحثون سيماجلوتيد كعلاج واعد لالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي (MASH)، نظرًا لدوره في تقليل الدهون وتخفيف تليف الكبد. وقد أكدت دراسات أصغر أجرىها البروفيسور فيليب نيوسوم ونُشرت في مجلتي The Lancet وNew England Journal of Medicine فعالية هذا الدواء لدى مرضى MASH.
خلال الفترة من 27 مايو 2021 حتى 18 أبريل 2023، شارك 800 مريض عشوائيًا في تجربة ESSENCE؛ تلقّى بعضهم حقنة أسبوعية من سيماجلوتيد، فيما تناول الآخرون دواءً وهميًا، جميعهم مع استشارات لتحسين نمط الحياة. كانت نسبة المصابين بداء السكري من النوع الثاني أكثر من 50%، وبنحو 75% يعانون من السمنة.
بعد 72 أسبوعًا من العلاج، أظهرت مجموعة سيماجلوتيد تحسّنًا في 62.9% من الحالات من ناحية التهاب الكبد الدهني مقابل 34.3% في مجموعة الدواء الوهمي، فيما سجل 36.8% من متلقي سيماجلوتيد تحسنًا في تليف الكبد مقارنةً بـ22.4% في الضابطة. كما شهد المرضى انخفاضًا ملحوظًا في إنزيمات الكبد وفقدان وزن بمعدل 10.5%. أما الآثار الجانبية فكانت في الغالب من الجهاز الهضمي، كالغثيان والإسهال والإمساك والقيء.
ووصف البروفيسور نيوسوم، مدير معهد روجر ويليامز لدراسات الكبد في كلية كينغز كوليدج لندن، هذه النتائج بأنها “مثيرة للغاية” وتمثل “أملًا حقيقيًا” لمرضى MASH، مع التنبيه إلى ضرورة متابعة الأبحاث بحذر. ويعتزم فريق البحث متابعة نحو 1,200 مشارك من 37 دولة لمدة تصل إلى خمس سنوات لدراسة التأثيرات طويلة المدى لسيماجلوتيد على مضاعفات الكبد.