في تطور نادر، أعرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن قلقه بشأن الدور المزدوج لإيلون ماسك، الملياردير التكنولوجي الذي تستقطب أعماله في الصين الاهتمام، بينما يمتلك مفاتيح تأثير كبير داخل البيت الأبيض. تصريحات ترامب، التي جاءت بعد زيارة أثارت الجدل لماسك لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، تسلط الضوء على معضلة بالغة التعقيد، وهي كيف يوفق أغنى رجل في العالم بين مصالحه الاقتصادية العالمية ومسؤولياته الاستشارية للحكومة الأمريكية؟
اعتراف غير مسبوق
أكد ترامب، خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، رفضه للتقارير التي أشارت إلى اطلاع ماسك على خطط عسكرية افتراضية لمواجهة الصين، قائلاً: “إيلون لديه مصالح في الصين، وقد يكون عرضة لتأثيرات ذلك”، ويعتبر هذا التصريح اعترافًا غير معهود من ترامب، الذي كان في السابق يبدي ثقة مطلقة في قدرة الملياردير على الفصل بين أدائه لأدواره المختلفة، وفقًا لصحيفة “الجارديان” البريطانية.
وتأتي مخاوف ترامب في سياق توسع شركة “تسلا” التابعة لماسك في السوق الصينية، حيث تسعى إلى زيادة إنتاجها ومبيعاتها في ظل منافسة شديدة. وبينما تدير “سبيس إكس” عقودًا عسكرية مع القوات الجوية الأمريكية، تثير تحركات ماسك تساؤلات حول مدى تأثير مصالحه الاقتصادية على قراراته الاستشارية، خصوصًا مع تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين.
زيارة مثيرة للجدل
وزار ماسك البنتاغون صباح أمس، وفقًا لتصريحات رسمية، لمناقشة خفض التكاليف الحكومية عبر “إدارة كفاءة الحكومة”، لكن مصادر أمنية كشفت أن الاجتماع ناقش – بشكل غير مباشر – سيناريوهات التعامل مع الصين، ما دفع ماسك إلى نفي تلقي أي إحاطات سرية، واصفًا التسريبات الإعلامية بـ”الدعاية الكاذبة”.
وأعرب خبراء عسكريون عن قلقهم من منح ماسك صلاحيات واسعة في ظل ارتباطاته الدولية، وقال الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك: “تضارب المصالح هنا واضح.. ماسك يتحدث إلى بوتين، ويعمل في الصين، وقد تؤثر مصالحه الشخصية على قرارات حساسة للغاية”.
تخفيضات في الميزانية
منذ عودة ترامب للسلطة، قاد ماسك حملة تخفيضات كبيرة شملت تسريح عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين، وتخفيض ميزانيات مؤسسات فيدرالية عدة. لكن البنتاغون، الذي ينفق مئات المليارات سنويًا، ظل بمنأى عن تدخله المباشر، على الرغم من خطط الإدارة لخفض 60 ألف وظيفة مدنية في قطاع الدفاع.
ونفت إدارة ترامب بشكل قاطع أن تكون زيارة ماسك للبنتاغون مرتبطة بخطط عسكرية سرية، مؤكدةً أن النقاش تطرق إلى “ابتكارات تكنولوجية وكفاءة إدارية”، لكن تقارير صحفية أشارت إلى أن الاجتماع عقد في غرفة “الخزان” عالية التأمين، المخصصة عادةً لمناقشة استراتيجيات عسكرية عليا.
وتبرز هذه الأزمة إشكالية تعامل الحكومات مع رواد الأعمال العالميين، خصوصًا مع اشتداد التنافس التكنولوجي بين القوى الكبرى. فهل يمكن لملياردير يمتلك مفاتيح الاقتصاد العالمي أن يلعب دورًا محايدًا في الصراعات الجيوسياسية؟ وكيف توازن الإدارات بين الاستفادة من عبقرية الابتكار، والحفاظ على أسرارها الأمنية؟