تعيش غزة منذ ما يقارب الشهرين في حصارٍ إسرائيليٍ خانق يمنع دخول المواد الإغاثية، ما يدفع آلاف المدنيين—من أطفال ونساء وشيوخ—إلى معركة يومية مع شبح المجاعة. في خان يونس، تتراص الحشود أمام مطابخ الإغاثة، حاملة أوانٍ فارغة، بحثًا عن أي لقمةٍ قد تعينهم على الصمود.
أم لثمانية أطفال، نيفين أبو عرار، غادرت المطعم المجتمعي ووعاءها خاوٍ، وقد غلبها البكاء: «لم نتذوق الخبز منذ شهر ونصف»، تقول وهي تخفي ألم فقدان ابنها في إحدى الغارات.
تحذِّر الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة من أن المستودعات صارت خاوية، وأن أكثر من 70 مطبخًا مجتمعيًا مهدد بالإغلاق خلال أيام، فيما يعتمد نحو 90% من السكان على المساعدات لعيشهم. في الوقت نفسه، ارتفع سعر كيس الدقيق (25 كغ) إلى 1,300 شيكل (360 دولارًا)، ما جعل شراء القوت شبه مستحيل.
منسقة الإعلام في أوكسفام، غادة الحداد، تشير إلى أن الأمهات يقدمن لأطفالهن وجبة واحدة فقط يوميًا، في حين أكد مدير شبكة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، أمجد شوا، أن الأراضي الزراعية المدمرة والغارات المتواصلة حرمت القطاع من قدرته على إنتاج غذائه.
حتى الصيادون لم يسلموا من القصف البحري، إذ سقط عدد منهم قتلى أثناء عملهم في قواربٍ صغيرة قبالة الشاطئ. وبحسب جافين كيليهر، مدير الشؤون الإنسانية في مجلس اللاجئين النرويجي، فإن لا خيام كافية لمأوى أكثر من مليون لاجئ داخلي، وسط درجات حرارة صيفية قاسية.
في هذه الظروف القاسية، يواصل أهل غزة تحدي العطش والجوع. مصطفى عاشور، الذي قطع مسافة ساعة سيرًا للوصول إلى أحد المطابخ، يصف الحصار بأنه «سجن مفتوح يخنق الحياة»، محذرًا من «انهيار كامل للنظام وموت الآلاف» إذا استمر المنع. وتدق هذه الكارثة ناقوس الخطر لاستجابة دولية عاجلة قبل فوات الأوان.