دين الاسلام

العشر الأواخر من رمضان أيام مباركة وكنوز إيمانية

العشر الأواخر من رمضان أيام مباركة وكنوز إيمانية
 

مقدمة

رمضان شهر عظيم، لكنَّ العشر الأواخر منه تحمل خصوصية وفضلاً لا يُضاهى. فهي أيام اجتهد فيها النبي صلى الله عليه وسلم كما لم يجتهد في غيرها، وفيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. إنها أيام تجمع بين عبادة القلب والجسد، وترتقي فيها الروح في سماء الطاعة والتقوى، وتُفتح فيها أبواب الرحمة والمغفرة والعتق من النار.

فضائل العشر الأواخر من رمضان

  1. ليلة القدرأعظم ما يميز العشر الأواخر هو وجود ليلة القدر فيها، تلك الليلة التي وصفها الله عز وجل بأنها “خيرٌ من ألف شهر”. من قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه، وهي ليلة تتنزّل فيها الملائكة، ويعمّ فيها السلام حتى مطلع الفجر. وقد أخفاها الله في هذه الليالي ليجتهد المؤمن في العبادة جميعها، طلبًا لها وحرصًا على فضلها.
  2. الاعتكافكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى وفاته، ثم اعتكف أزواجه من بعده. والاعتكاف فرصة فريدة لصفاء الروح والانقطاع عن الدنيا، والتفرغ للعبادة والدعاء وقراءة القرآن. وهو سنة مؤكدة في هذه الأيام، وخاصة في المساجد، حيث يتحقق معنى القرب من الله عز وجل.
  3. كثرة العتق من النارفي كل ليلة من ليالي رمضان، يعتق الله أناسًا من النار، وتكثر هذه الفرصة العظيمة في العشر الأواخر. فهي أيام مغفرة، وفرص لا تعوّض لمن يطلب رضا الله والنجاة من العذاب.

كيف نُحيي العشر الأواخر؟

  1. قيام الليلقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه”. وكان إذا دخلت العشر، شدّ مئزره وأيقظ أهله وأحيا ليله. فقيام الليل في هذه الأيام ينبغي أن يكون ديدن المسلم، سواء بصلاة التراويح أو القيام منفردًا، مع الحرص على الخشوع والدعاء والتذلل.
  2. الدعاءالدعاء من أعظم العبادات، وخاصة في ليلة القدر. وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة بدعاءٍ عظيم إذا وافقت ليلة القدر:
    “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
    فعلى المسلم أن يكثر من الدعاء لنفسه وأهله وأمته، ويطلب من الله الخير كله، ويستعيذ به من الشر كله.
  3. قراءة القرآنالقرآن نزل في ليلة القدر، وفي رمضان بشكل عام، وكان السلف يختمون القرآن مرارًا في هذا الشهر، وخاصة في العشر الأواخر. فلا بد من تخصيص وقت يومي لتلاوة القرآن، مع تدبر المعاني وتعلُّم الأحكام.
  4. الصدقةرغم أن العبادات الروحية تتصدر المشهد في العشر الأواخر، إلا أن الصدقة لها مكانة عظيمة. فالصدقة في هذه الأيام تضاعف، وخاصة إذا صادفت ليلة القدر، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان.
  5. الاجتهاد في الطاعةالعشر الأواخر هي ختام الشهر، ومن يُحسن الخاتمة يُثبّت له الأجر، ولذلك كان من السنة الاجتهاد في العشر كما لم يُجتهد في غيرها. فليحرص المسلم على ملء وقته بكل ما يقربه إلى الله، من صلاة وذكر وتوبة ودعاء وبرّ وصلة.

علامات ليلة القدر

رغم أن ليلة القدر مخفية، إلا أن هناك بعض العلامات التي ذُكرت في الأحاديث:

  • طقس معتدل، لا حار ولا بارد.
  • طلوع الشمس في صباحها بيضاء بلا شعاع.
  • سكينة وطمأنينة في القلب.
  • قوة في الإقبال على الطاعة والعبادة.

لكن الأهم من العلامات هو الاجتهاد في العشر كلها، دون تتبعٍ لليلة بعينها، وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.

أثر العشر الأواخر على المسلم

من عاش العشر الأواخر بصدق، تغيّر قلبه وروحه وسلوكه. فهذه الليالي تربي فينا الخشوع، والانكسار بين يدي الله، وتوقظ فينا حب الطاعة والبعد عن المعصية. هي مدرسة إيمانية تُعلمنا كيف نعيش بقلبٍ معلقٍ بالله، وكيف نحمل نور العبادة معنا إلى ما بعد رمضان.

خاتمة

العشر الأواخر من رمضان ليست مجرد أيام، بل هي فرص عمر قد لا تتكرر. هي نفحات ربانية، وأوقات مغفرة ورضا ورحمة. من أدركها فقد أدرك خيرًا عظيمًا، ومن ضيّعها فقد خسر خسرانًا مبينًا. فلنُقبل على الله فيها بقلوبٍ خاشعة، وألسنٍ ذاكرة، وأجسادٍ ساجدة، علّنا نفوز برضا الله ونعيم جنّاته.

السابق
فضل ليلة القدر ليلة مباركة للتقرب إلى الله
التالي
عاقبة التهاون بالمعاصي حين لا يحبك الله