نجح فريق بحثي ياباني في تحقيق إنجاز طبي مذهل باستخدام الخلايا الجذعية، بعد أن تمكن مريض يعاني من شلل تام من استعادة قدرته على الوقوف والمشي.
وجاء هذا الإنجاز العلمي بعد سنوات من الأبحاث المكثفة، ليفتح آفاقًا واعدة في علاج حالات طبية ظلت حتى وقت قريب مستعصية على الشفاء.
وأجرى الفريق بقيادة البروفيسور هيدياكي أوكانو من جامعة كييو اليابانية، سلسلة تجارب دقيقة، تضمنت زراعة مليوني خلية جذعية عصبية مشتقة من خلايا iPS (خلايا جذعية محفزة متعددة القدرات) في موضع الإصابة لدى أربعة مرضى من الذكور.
وتم اختيار المرضى بعناية في مرحلة “تحت الحادة”، وهي مرحلة حرجة تأتي مباشرة بعد المرحلة الحادة للإصابة (ما بين اليوم 14 وحتى اليوم 28)، وتعد هذه الفترة الأنسب لتحقيق أفضل النتائج العلاجية.
وبعد عام كامل من المتابعة، أظهرت النتائج تحسّنًا كبيرًا لدى نصف المشاركين في الدراسة؛ إذ انتقل أحد المرضى من حالة الشلل الكامل (درجة A وفقًا لمقياس إصابات الحبل الشوكي) إلى القدرة على المشي بمساعدة بسيطة أو دونها (درجة D). كما استطاع مريض آخر تحريك ذراعيه وساقيه بما يكفي لتناول الطعام بشكل مستقل واستخدام الكرسي المتحرك (درجة C).
ولم تُسجّل الدراسة أي آثار جانبية خطيرة، ما يدعم إمكانية اعتماد هذا العلاج مستقبلًا بشكل أوسع.
وفي تعليقه على هذا الإنجاز، أعرب البروفيسور جيمس سانت جون، عالم الأعصاب في جامعة غريفيث الأسترالية، عن تفاؤله الحذر، قائلاً: “إن هذه النتائج تمثل خطوة مهمة للغاية في هذا المجال، لكننا بحاجة إلى مزيد من الأبحاث للتأكد من أن التحسّن ناتج فعلًا عن الخلايا الجذعية وليس عن عملية التعافي الطبيعي.”
من جانبه، أكد البروفيسور أوكانو أن هذه النتائج هي الأولى من نوعها باستخدام خلايا iPS لعلاج إصابات النخاع الشوكي، وتشكل دليلًا هامًا على سلامة وفاعلية هذا النهج الطبي الجديد.
ويعمل الفريق البحثي حاليًا على توسيع نطاق الدراسة، عبر زيادة عدد الخلايا المزروعة، وكذلك إجراء تجارب على مرضى يعانون من إصابات مزمنة استمرت لأشهر أو سنوات، وهي الفئة التي كان علاجها يُعد الأصعب، بسبب ضعف قدرة الخلايا العصبية على التجدد مع مرور الوقت.
ويأمل الباحثون أن تُمهد هذه النتائج الطريق لتجارب سريرية أوسع نطاقًا، بهدف اعتماد هذا العلاج مستقبلًا كخيار متاح للمرضى.
ومع وجود أكثر من 15 مليون شخص حول العالم يعانون من إصابات الحبل الشوكي، فإن هذه الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature العلمية تقدم بصيص أمل لملايين المرضى وعائلاتهم، وتؤكد أن حدود الطب تتوسع باستمرار بفضل جهود الباحثين والعلماء المستمرة.